تاريخ الكنيسة

الضرب في الميت حرام

الشهيد غبريال ابن نجاح

الضرب في الميت حرام.
تعود هذه المقولة إلى
عهد الحاكم بأمر الله الفاطمي

هل سمعتم من قبل عن الشهيد غبريال ابن نجاح
كان من عظماء القبط في القرنين العاشر والحادي عشر للميلاد، وكما كان مقدّم الأراخنة القبط في عهد الحاكم بأمر اللّه الخليفة الفاطمي

كان غبريال هذا مسيحيًا تقيًا وبارًا محسنًا ومحبًا للكنيسة، وغيورًا على الإيمان الأرثوذكسي. ولما انتهي الحاكم بأمر اللّه الخليفة الفاطمي (996 – 1020 م)، الذي اتسمت تصرفاته بالشذوذ والتطرف من إفناء خاصته ومقدّمي جيشه عاد إلى الأراخنة ورؤساء الكُتاب فأخذ منهم عشرة وعرض عليهم الإسلام، وكان يوحنا أبو نجاح الكبير رئيس المقدّمين على رأسهم.

طلب إليه الحاكم أن يعتنق الإسلام ليجعله وزيرًا، فطلب من الخليفة أن يمهله يومًا يفكر فيه، ولم يكن طلبه مهلة اليوم للتفكير بل للاتصال باخوته وحثهم على الثبات في الإيمان والموت على اسم المسيح. وحينما اجتمع بهم قال لهم: “الآن يا اخوتي لا تطلبوا هذا المجد الفاني فتضيّعوا مجد السيد المسيح الدائم الباقي، فقد أشبع نفوسنا من خيرات الأرض، وهوذا برحمته قد دعانا إلى ملكوت السموات، فقوّوا قلوبكم”.

قد كان من أثر كلامه الذهبي المملوء حكمة أن تقوّت قلوب سامعيه أجمعين، وثبتوا على أن يموتوا على اسم السيد المسيح، ثم صنع لهم في ذلك اليوم وليمة عظيمة، وأقاموا عنده إلى عشية ثم مضوا إلى منازلهم.

لما كان بالغداة مضى غبريال إلى الحاكم بأمر اللّه فقال له الخليفة: “يا نجاح أترى هل طابت نفسك؟” أجابه غبريال قائلًا: “نعم”. قال الخليفة: “على أي قضية؟” قال غبريال بشجاعة وثبات: “بقائي على ديني”.

اجتهد الحاكم بكل أنواع الترغيب والترهيب أن يحوله عن الإيمان المسيحي إلى الإسلام، فذهبت كلها أدراج الريح. فكان غبريال كالصخرة لا يتزعزع، وثبت متمسكًا بالإيمان المسيحي، ولم يقوَ الحاكم مع ما أوتي من قوة على أن يخلعه من دين آبائه.

لما فشل الحاكم أمام غبريال أمر بنزع ثيابه عنه وأن يشد في الهنبازين ويُضرب. ضربوه خمسمائة سوط على ذلك الجسم الناعم حتى انتثر لحمه وسال دمه مثل الماء. وكانت السياط المستعملة في الضرب مصنوعة من عروق البقر، لا يقوى الجبابرة على احتمال سوط منها على أجسامهم،

ثم أمر أن يضرب إلى تمام الألف سوط. فلما ضرب ثلاثمائة أخرى قال مثل سيده: “أنا عطشان”. فأوقفوا عنه الضرب وأعلموا الحاكم بذلك فقال: “اسقوه بعد أن تقوّلوا له أن يرجع عن دينه ويعتنق الإسلام”. فلما جاءوا إليه بالماء وقالوا له ما أمر به الخليفة،
أجابهم غبريال بكل إباء وشمم قائلًا: “أعيدوا له ماءه، فإني غير محتاج إليه، لأن سيدي يسوع المسيح قد سقاني وأطفأ ظمأي”.
ولما قال هذا أسلم الروح. أعلموا الخليفة الجبار بوفاته فأمر أن يُضرب وهو جثة هامدة حتى تمام الألف سوط.!!!!!!!! و من هنا أتت عبارة ” الضرب في الميت حرام ” فبرغم أن الشهيد قد أسلم الروح إلا أن الخليفة أمر بأكمال الألف سوط علي جثته !!!!
وهكذا تمت شهادته ونال الإكليل المُعد له من الملك العظيم يسوع المسيح.
كان ذلك فى يوم 14 إبريل سنة 1003 م.

ابونا تادرس يعقوب ملطى
كتاب الكنيسة الارثوذكسية و الروحانية

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى